|
| تفسير أيات التوحيد في القران المجيد....2 | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
العز بن عبد السلام Admin
عدد المساهمات : 1310 نقاط : 247602 تاريخ التسجيل : 14/04/2014 العمر : 27 الموقع : https://alezatllah.forumegypt.net
| موضوع: تفسير أيات التوحيد في القران المجيد....2 الثلاثاء أبريل 12, 2016 8:50 pm | |
| من سورة البقرة
{ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ *
وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ
وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ
وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُون َ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ
وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ
وَيَتَعَلَّمُون َ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ
وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }
سورة البقرة { 101 - 103 }
أي: ولما جاءهم هذا الرسول الكريم بالكتاب العظيم بالحق الموافق لما معهم،
وكانوا يزعمون أنهم متمسكون بكتابهم, فلما كفروا بهذا الرسول وبما جاء به،
{ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ } الذي أنزل إليهم أي:
طرحوه رغبة عنه { وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ }
وهذا أبلغ في الإعراض كأنهم في فعلهم هذا من الجاهلين وهم يعلمون صدقه، وحقيّة ما جاء به.
تبين بهذا أن هذا الفريق من أهل الكتاب لم يبق في أيديهم شيء
حيث لم يؤمنوا بهذا الرسول, فصار كفرهم به كفرا بكتابهم من حيث لا يشعرون.
ولما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية
أن من ترك ما ينفعه، وأمكنه الانتفاع به فلم ينتفع,
ابتلي بالاشتغال بما يضره,
فمن ترك عبادة الرحمن, ابتلي بعبادة الأوثان,
ومن ترك محبة الله وخوفه ورجاءه,
ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه,
ومن لم ينفق ماله في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان,
ومن ترك الذل لربه, ابتلي بالذل للعبيد،
ومن ترك الحق ابتلي بالباطل.
كذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله
اتبعوا ما تتلوا الشياطين وتختلق من السحر على ملك سليمان
حيث أخرجت الشياطين للناس السحر،
وزعموا أن سليمان عليه السلام كان يستعمله وبه حصل له الملك العظيم.
وهم كذبة في ذلك، فلم يستعمله سليمان،
بل نزهه الصادق في قيله:
{ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ } أي: بتعلم السحر, فلم يتعلمه،
{ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا } بذلك.
{ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ } من إضلالهم وحرصهم على إغواء بني آدم،
وكذلك اتبع اليهود السحر الذي أنزل على الملكين الكائنين بأرض بابل من أرض العراق،
أنزل عليهما السحر امتحانا وابتلاء من الله لعباده فيعلمانهم السحر.
{ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى } ينصحاه,
و { يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ } أي: لا تتعلم السحر فإنه كفر،
فينهيانه عن السحر، ويخبرانه عن مرتبته,
فتعليم الشياطين للسحر على وجه التدليس والإضلال،
ونسبته وترويجه إلى من برأه الله منه وهو سليمان عليه السلام،
وتعليم الملكين امتحانا مع نصحهما لئلا يكون لهم حجة.
فهؤلاء اليهود يتبعون السحر الذي تعلمه الشياطين, والسحر الذي يعلمه الملكان,
فتركوا علم الأنبياء والمرسلين وأقبلوا على علم الشياطين,
وكل يصبو إلى ما يناسبه.
ثم ذكر مفاسد السحر فقال: { فَيَتَعَلَّمُون َ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ } مع أن محبة الزوجين لا تقاس بمحبة غيرهما, لأن الله قال في حقهما:
{ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً }
وفي هذا دليل على أن السحر له حقيقة، وأنه يضر بإذن الله، أي: بإرادة الله،
والإذن نوعان: إذن قدري، وهو المتعلق بمشيئة الله, كما في هذه الآية،
وإذن شرعي كما في قوله تعالى في الآية السابقة:
{ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ }
وفي هذه الآية وما أشبهها أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير،
فإنها تابعة للقضاء والقدر ليست مستقلة في التأثير,
ولم يخالف في هذا الأصل من فرق الأمة غير القدرية في أفعال العباد،
زعموا أنها مستقلة غير تابعة للمشيئة, فأخرجوها عن قدرة الله،
فخالفوا كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الصحابة والتابعين.
ثم ذكر أن علم السحر مضرة محضة, ليس فيه منفعة لا دينية ولا دنيوية
كما يوجد بعض المنافع الدنيوية في بعض المعاصي،
كما قال تعالى في الخمر والميسر:
{ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا }
فهذا السحر مضرة محضة, فليس له داع أصلا,
فالمنهيات كلها إما مضرة محضة, أو شرها أكبر من خيرها.
كما أن المأمورات إما مصلحة محضة أو خيرها أكثر من شرها.
{ وَلَقَدْ عَلِمُوا } أي: اليهود
{ لَمَنِ اشْتَرَاهُ } أي: رغب في السحر رغبة المشتري في السلعة.
{ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ } أي: نصيب,
بل هو موجب للعقوبة, فلم يكن فعلهم إياه جهلا,
ولكنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة.
{ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } علما يثمر العمل ما فعلوه. _________________ شات طريق الاسلام اللهم ارحمنا وارفعنا بالقران العظيم الذي ايدت سلطانه وقلت يا اعز من قائل سبحانه فاذا قرانه فاتبع قرأنه ثم ان علينا بيانه احسن كتبك نظاما وافصحها كلاما وابينها حلالا وحراما ظاهر البرهان محكم البيان محروس من الزياده والنقصان فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد | |
| | | العز بن عبد السلام Admin
عدد المساهمات : 1310 نقاط : 247602 تاريخ التسجيل : 14/04/2014 العمر : 27 الموقع : https://alezatllah.forumegypt.net
| موضوع: رد: تفسير أيات التوحيد في القران المجيد....2 الثلاثاء أبريل 12, 2016 8:52 pm | |
| ( 7 )
من سورة البقرة
{ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ
إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى
تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ
قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ
وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }
سورة البقرة { 111 - 112 }
أي: قال اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا،
وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى،
فحكموا لأنفسهم بالجنة وحدهم,
وهذا مجرد أماني غير مقبولة, إلا بحجة وبرهان,
فأتوا بها إن كنتم صادقين،
وهكذا كل من ادعى دعوى, لا بد أن يقيم البرهان على صحة دعواه،
وإلا فلو قلبت عليه دعواه,
وادعى مدع عكس ما ادعى بلا برهان لكان لا فرق بينهما،
فالبرهان هو الذي يصدق الدعاوى أو يكذبها،
ولما لم يكن بأيديهم برهان, علم كذبهم بتلك الدعوى.
ثم ذكر تعالى البرهان الجلي العام لكل أحد, فقال:
{ بَلَى } أي: ليس بدعاويكم,
ولكن { مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ } أي: أخلص لله أعماله, متوجها إليه بقلبه،
{ وَهُوَ } مع إخلاصه
{ مُحْسِنٌ } في عبادة ربه, بأن عبده بشرعه,
فأولئك هم أهل الجنة وحدهم.
{ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ } وهو الجنة بما اشتملت عليه من النعيم،
{ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }
فحصل لهم المرغوب, ونجوا من المرهوب.
ويفهم منها أن من ليس كذلك فهو من أهل النار الهالكين،
فلا نجاة إلا لأهل الإخلاص للمعبود,
والمتابعة للرسول. _________________ شات طريق الاسلام اللهم ارحمنا وارفعنا بالقران العظيم الذي ايدت سلطانه وقلت يا اعز من قائل سبحانه فاذا قرانه فاتبع قرأنه ثم ان علينا بيانه احسن كتبك نظاما وافصحها كلاما وابينها حلالا وحراما ظاهر البرهان محكم البيان محروس من الزياده والنقصان فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد | |
| | | العز بن عبد السلام Admin
عدد المساهمات : 1310 نقاط : 247602 تاريخ التسجيل : 14/04/2014 العمر : 27 الموقع : https://alezatllah.forumegypt.net
| موضوع: رد: تفسير أيات التوحيد في القران المجيد....2 الثلاثاء أبريل 12, 2016 8:53 pm | |
| ( 8 )
من سورة البقرة
{ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ
فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }
سورة البقرة { 115 }
أي: { وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ } خصهما بالذكر, لأنهما محل الآيات العظيمة,
فهما مطالع الأنوار ومغاربها، فإذا كان مالكا لها, كان مالكا لكل الجهات.
{ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا } وجوهكم من الجهات, إذا كان توليكم إياها بأمره,
إما أن يأمركم باستقبال الكعبة بعد أن كنتم مأمورين باستقبال بيت المقدس,
أو تؤمرون بالصلاة في السفر على الراحلة ونحوها,
فإن القبلة حيثما توجه العبد
أو تشتبه القبلة فيتحرى الصلاة إليها, ثم يتبين له الخطأ,
أو يكون معذورا بصلب أو مرض ونحو ذلك،
فهذه الأمور إما أن يكون العبد فيها معذورا أو مأمورا.
وبكل حال فما استقبل جهة من الجهات خارجة عن ملك ربه.
{ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }
فيه إثبات الوجه لله تعالى, على الوجه اللائق به تعالى,
وأن لله وجها لا تشبهه الوجوه, وهو - تعالى -
واسع الفضل والصفات عظيمها, عليم بسرائركم ونياتكم.
فمن سعته وعلمه, وسع لكم الأمر, وقبل منكم المأمور,
فله الحمد والشكر. _________________ شات طريق الاسلام اللهم ارحمنا وارفعنا بالقران العظيم الذي ايدت سلطانه وقلت يا اعز من قائل سبحانه فاذا قرانه فاتبع قرأنه ثم ان علينا بيانه احسن كتبك نظاما وافصحها كلاما وابينها حلالا وحراما ظاهر البرهان محكم البيان محروس من الزياده والنقصان فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد | |
| | | العز بن عبد السلام Admin
عدد المساهمات : 1310 نقاط : 247602 تاريخ التسجيل : 14/04/2014 العمر : 27 الموقع : https://alezatllah.forumegypt.net
| موضوع: رد: تفسير أيات التوحيد في القران المجيد....2 الثلاثاء أبريل 12, 2016 8:54 pm | |
| ( 9 )
من سورة البقرة
{ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ *
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }
سورة البقرة { 116 - 117 }
{ وَقَالُوا } أي: اليهود والنصارى والمشركون, وكل من قال ذلك:
{ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا } فنسبوه إلى ما لا يليق بجلاله, وأساءوا كل الإساءة, وظلموا أنفسهم.
وهو - تعالى - صابر على ذلك منهم, قد حلم عليهم, وعافاهم, ورزقهم مع تنقصهم إياه.
{ سُبْحَانَهُ }
أي: تنزه وتقدس عن كل ما وصفه به المشركون والظالمون مما لا يليق بجلاله،
فسبحان من له الكمال المطلق, من جميع الوجوه, الذي لا يعتريه نقص بوجه من الوجوه.
ومع رده لقولهم, أقام الحجة والبرهان على تنزيهه عن ذلك فقال:
{ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ }
أي: جميعهم ملكه وعبيده,
يتصرف فيهم تصرف المالك بالمماليك,
وهم قانتون له مسخرون تحت تدبيره،
فإذا كانوا كلهم عبيده, مفتقرين إليه,
وهو غني عنهم,
فكيف يكون منهم أحد, يكون له ولدا,
والولد لا بد أن يكون من جنس والده, لأنه جزء منه.
والله تعالى المالك القاهر, وأنتم المملوكون المقهورون,
وهو الغني وأنتم الفقراء،
فكيف مع هذا, يكون له ولد؟
هذا من أبطل الباطل وأسمجه.
والقنوت نوعان:
قنوت عام: وهو قنوت الخلق كلهم, تحت تدبير الخالق،
وخاص: وهو قنوت العبادة.
فالنوع الأول كما في هذه الآية،
والنوع الثاني: كما في قوله تعالى: { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }
ثم قال: { بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ }
أي: خالقهما على وجه قد أتقنهما وأحسنهما على غير مثال سبق.
{ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }
فلا يستعصي عليه, ولا يمتنع منه. _________________ شات طريق الاسلام اللهم ارحمنا وارفعنا بالقران العظيم الذي ايدت سلطانه وقلت يا اعز من قائل سبحانه فاذا قرانه فاتبع قرأنه ثم ان علينا بيانه احسن كتبك نظاما وافصحها كلاما وابينها حلالا وحراما ظاهر البرهان محكم البيان محروس من الزياده والنقصان فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد | |
| | | العز بن عبد السلام Admin
عدد المساهمات : 1310 نقاط : 247602 تاريخ التسجيل : 14/04/2014 العمر : 27 الموقع : https://alezatllah.forumegypt.net
| موضوع: رد: تفسير أيات التوحيد في القران المجيد....2 الثلاثاء أبريل 12, 2016 8:55 pm | |
| ( 10 )
من سورة البقرة
{ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ }
سورة البقرة { 163 }
يخبر تعالى - وهو أصدق القائلين - أنه { إِلَهٌ وَاحِدٌ } أي:
متوحد منفرد في ذاته, وأسمائه, وصفاته, وأفعاله،
فليس له شريك في ذاته, ولا سمي له ولا كفو له,
ولا مثل, ولا نظير, ولا خالق, ولا مدبر غيره،
فإذا كان كذلك,
فهو المستحق لأن يؤله ويعبد بجميع أنواع العبادة,
ولا يشرك به أحد من خلقه,
لأنه
{ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }
المتصف بالرحمة العظيمة, التي لا يماثلها رحمة أحد,
فقد وسعت كل شيء وعمت كل حي،
فبرحمته وجدت المخلوقات,
وبرحمته حصلت لها أنواع الكمالات،
وبرحمته اندفع عنها كل نقمة،
وبرحمته عرّف عباده نفسه بصفاته وآلائه,
وبيَّن لهم كل ما يحتاجون إليه من مصالح دينهم ودنياهم,
بإرسال الرسل, وإنزال الكتب.
فإذا علم أن ما بالعباد من نعمة, فمن الله,
وأن أحدا من المخلوقين لا ينفع أحدا،
علم أن الله هو المستحق لجميع أنواع العبادة,
وأن يفرد بالمحبة والخوف والرجاء والتعظيم والتوكل,
وغير ذلك من أنواع الطاعات.
وأن من أظلم الظلم, وأقبح القبيح,
أن يُعدل عن عبادته إلى عبادة العبيد,
وأن يُشرك المخلوق من تراب برب الأرباب,
أو يُعبد المخلوق المدبر العاجز من جميع الوجوه,
مع الخالق المدبر القادر القوي،
الذي قد قهر كل شيء ودان له كل شيء.
ففي هذه الآية,
إثبات وحدانية الباري وإلهيته،
وتقريرها بنفيها عن غيره من المخلوقين
وبيان أصل الدليل على ذلك وهو إثبات رحمته
التي من آثارها وجود جميع النعم, واندفاع [جميع] النقم،
فهذا دليل إجمالي على وحدانيته تعالى. _________________ شات طريق الاسلام اللهم ارحمنا وارفعنا بالقران العظيم الذي ايدت سلطانه وقلت يا اعز من قائل سبحانه فاذا قرانه فاتبع قرأنه ثم ان علينا بيانه احسن كتبك نظاما وافصحها كلاما وابينها حلالا وحراما ظاهر البرهان محكم البيان محروس من الزياده والنقصان فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد | |
| | | العز بن عبد السلام Admin
عدد المساهمات : 1310 نقاط : 247602 تاريخ التسجيل : 14/04/2014 العمر : 27 الموقع : https://alezatllah.forumegypt.net
| موضوع: رد: تفسير أيات التوحيد في القران المجيد....2 الثلاثاء أبريل 12, 2016 8:57 pm | |
| ( 11 )
من سورة البقرة
ثم ذكر الأدلة التفصيلية فقال:
{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ
وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
سورة البقرة { 164 }
أخبر تعالى أن في هذه المخلوقات العظيمة, آيات أي:
أدلة على وحدانية الباري وإلهيته،
وعظيم سلطانه ورحمته وسائر صفاته،
ولكنها { لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
أي: لمن لهم عقول يعملونها فيما خلقت له،
فعلى حسب ما منّ الله على عبده من العقل,
ينتفع بالآيات ويعرفها بعقله وفكره وتدبُّره،
ففي { خَلْقِ السَّمَاوَاتِ }
في ارتفاعها واتساعها, وإحكامها, وإتقانها,
وما جعل الله فيها من الشمس والقمر, والنجوم, وتنظيمها لمصالح العباد.
وفي خلق { الْأَرْضِ } مهادا للخلق, يمكنهم القرار عليها والانتفاع بما عليها والاعتبار.
ما يدل ذلك على انفراد الله تعالى بالخلق والتدبير,
وبيان قدرته العظيمة التي بها خلقها, وحكمته التي بها أتقنها,
وأحسنها ونظمها, وعلمه ورحمته التي بها أودع ما أودع,
من منافع الخلق ومصالحهم, وضروراتهم وحاجاتهم.
وفي ذلك أبلغ الدليل على كماله, واستحقاقه أن يفرد بالعبادة,
لانفراده بالخلق والتدبير, والقيام بشئون عباده { و } في { اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ }
وهو تعاقبهما على الدوام,
إذا ذهب أحدهما, خلفه الآخر، وفي اختلافهما في الحر, والبرد,
والتوسط, وفي الطول, والقصر, والتوسط,
وما ينشأ عن ذلك من الفصول, التي بها انتظام مصالح بني آدم وحيواناتهم,
وجميع ما على وجه الأرض, من أشجار ونوابت،
كل ذلك بانتظام وتدبير, وتسخير, تنبهر له العقول,
وتعجز عن إدراكه من الرجال الفحول,
ما يدل ذلك على قدرة مصرفها, وعلمه وحكمته,
ورحمته الواسعة, ولطفه الشامل, وتصريفه وتدبيره,
الذي تفرد به, وعظمته, وعظمة ملكه وسلطانه,
مما يوجب أن يؤله ويعبد, ويفرد بالمحبة والتعظيم,
والخوف والرجاء, وبذل الجهد في محابه ومراضيه. { و } في { وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ }
وهي السفن والمراكب ونحوها,
مما ألهم الله عباده صنعتها, وخلق لهم من الآلات الداخلية والخارجية ما أقدرهم عليها.
ثم سخر لها هذا البحر العظيم
والرياح, التي تحملها بما فيها من الركاب والأموال,
والبضائع التي هي من منافع الناس,
وبما تقوم به مصالحهم وتنتظم معايشهم.
فمن الذي ألهمهم صنعتها, وأقدرهم عليها,
وخلق لهم من الآلات ما به يعملونها؟
أم من الذي سخر لها البحر, تجري فيه بإذنه وتسخيره, والرياح؟
أم من الذي خلق للمراكب البرية والبحرية,
النار والمعادن المعينة على حملها, وحمل ما فيها من الأموال؟
فهل هذه الأمور, حصلت اتفاقا, أم استقل بعملها هذا المخلوق الضعيف العاجز,
الذي خرج من بطن أمه, لا علم له ولا قدرة،
ثم خلق له ربه القدرة, وعلمه ما يشاء تعليمه،
أم المسخر لذلك رب واحد, حكيم عليم,
لا يعجزه شيء, ولا يمتنع عليه شيء ؟
بل الأشياء قد دانت لربوبيته, واستكانت لعظمته, وخضعت لجبروته.
وغاية العبد الضعيف, أن جعله الله جزءا من أجزاء الأسباب,
التي بها وجدت هذه الأمور العظام,
فهذا يدل على رحمة الله وعنايته بخلقه,
وذلك يوجب أن تكون المحبة كلها له, والخوف والرجاء,
وجميع الطاعة, والذل والتعظيم. _________________ شات طريق الاسلام اللهم ارحمنا وارفعنا بالقران العظيم الذي ايدت سلطانه وقلت يا اعز من قائل سبحانه فاذا قرانه فاتبع قرأنه ثم ان علينا بيانه احسن كتبك نظاما وافصحها كلاما وابينها حلالا وحراما ظاهر البرهان محكم البيان محروس من الزياده والنقصان فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد | |
| | | العز بن عبد السلام Admin
عدد المساهمات : 1310 نقاط : 247602 تاريخ التسجيل : 14/04/2014 العمر : 27 الموقع : https://alezatllah.forumegypt.net
| موضوع: رد: تفسير أيات التوحيد في القران المجيد....2 الثلاثاء أبريل 12, 2016 8:59 pm | |
| { وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ } وهو المطر النازل من السحاب.
{ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } فأظهرت من أنواع الأقوات,
وأصناف النبات, ما هو من ضرورات الخلائق,
التي لا يعيشون بدونها.
أليس ذلك دليلا على قدرة من أنزله,
وأخرج به ما أخرج ورحمته, ولطفه بعباده,
وقيامه بمصالحهم, وشدة افتقارهم وضرورتهم إليه من كل وجه؟
أما يوجب ذلك أن يكون هو معبودهم وإلههم؟
أليس ذلك دليلا على إحياء الموتى ومجازاتهم بأعمالهم؟
{ وَبَثَّ فِيهَا } أي: في الأرض { مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ }
أي: نشر في أقطار الأرض من الدواب المتنوعة,
ما هو دليل على قدرته وعظمته, ووحدانيته وسلطانه العظيم،
وسخرها للناس, ينتفعون بها بجميع وجوه الانتفاع.
فمنها: ما يأكلون من لحمه, ويشربون من دره،
ومنها: ما يركبون،
ومنها: ما هو ساع في مصالحهم وحراستهم,
ومنها: ما يعتبر به،
ومع أنه بث فيها من كل دابة،
فإنه سبحانه هو القائم بأرزاقهم,
المتكفل بأقواتهم،
فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها,
ويعلم مستقرها ومستودعها. وفي { تَصْرِيفِ الرِّيَاحِ }
باردة وحارة, وجنوبا وشمالا,
وشرقا ودبورا وبين ذلك، وتارة تثير السحاب,
وتارة تؤلف بينه, وتارة تلقحه, وتارة تدره,
وتارة تمزقه وتزيل ضرره, وتارة تكون رحمة,
وتارة ترسل بالعذاب.
فمن الذي صرفها هذا التصريف, وأودع فيها من منافع العباد, ما لا يستغنون عنه ؟
وسخرها ليعيش فيها جميع الحيوانات,
وتصلح الأبدان والأشجار, والحبوب والنوابت,
إلا العزيز الحكيم الرحيم, اللطيف بعباده المستحق لكل ذل وخضوع, ومحبة وإنابة وعبادة ؟.
وفي تسخير السحاب بين السماء والأرض على خفته ولطافته يحمل الماء الكثير,
فيسوقه الله إلى حيث شاء، فيحيي به البلاد والعباد,
ويروي التلول والوهاد, وينزله على الخلق وقت حاجتهم إليه،
فإذا كان يضرهم كثرته, أمسكه عنهم, فينزله رحمة ولطفا,
ويصرفه عناية وعطفا،
فما أعظم سلطانه, وأغزر إحسانه, وألطف امتنانه" أليسَ من القبيح بالعباد, أن يتمتعوا برزقه,
ويعيشوا ببره وهم يستعينون بذلك على مساخطه ومعاصيه ؟
أليسَ ذلك دليلا على حلمه وصبره, وعفوه وصفحه, وعميم لطفه؟
فله الحمد أولاً وآخراً, وباطناً وظاهراً.
والحاصل, أنه كلما تدبر العاقل في هذه المخلوقات, وتغلغل فكره في بدائع المبتدعات,
وازداد تأمله للصنعة وما أودع فيها من لطائف البر والحكمة,
علم بذلك أنها خلقت للحق وبالحق,
وأنها صحائف آيات, وكتب دلالات,
على ما أخبر به الله عن نفسه ووحدانيته,
وما أخبرت به الرسل من اليوم الآخر,
وأنها مسخرات, ليس لها تدبير ولا استعصاء على مدبرها ومصرفها.
فتعرف أن العالم العلوي والسفلي كلهم إليه مفتقرون,
وإليه صامدون،
وأنه الغني بالذات عن جميع المخلوقات،
فلا إله إلا الله, ولا رب سواه.
_________________ شات طريق الاسلام اللهم ارحمنا وارفعنا بالقران العظيم الذي ايدت سلطانه وقلت يا اعز من قائل سبحانه فاذا قرانه فاتبع قرأنه ثم ان علينا بيانه احسن كتبك نظاما وافصحها كلاما وابينها حلالا وحراما ظاهر البرهان محكم البيان محروس من الزياده والنقصان فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد | |
| | | العز بن عبد السلام Admin
عدد المساهمات : 1310 نقاط : 247602 تاريخ التسجيل : 14/04/2014 العمر : 27 الموقع : https://alezatllah.forumegypt.net
| موضوع: رد: تفسير أيات التوحيد في القران المجيد....2 الثلاثاء أبريل 12, 2016 9:02 pm | |
| ( 12 )
من سورة البقرة
ثم قال تعالى:
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ
وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ
وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ *
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ *
وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ }
سورة البقرة { 165 - 167 }
ما أحسن اتصال هذه الآية بما قبلها،
فإنه تعالى لما بين وحدانيته وأدلتها القاطعة,
وبراهينها الساطعة الموصلة إلى علم اليقين, المزيلة لكل شك،
ذكر هنا أن { مِنَ النَّاسِ } مع هذا البيان التام
من يتخذ من المخلوقين أندادا لله أي:
نظراء ومثلاء, يساويهم في الله بالعبادة والمحبة, والتعظيم والطاعة.
ومن كان بهذه الحالة - بعد إقامة الحجة, وبيان التوحيد -
علم أنه معاند لله, مشاق له,
أو معرض عن تدبر آياته والتفكر في مخلوقاته,
فليس له أدنى عذر في ذلك, بل قد حقت عليه كلمة العذاب.
وهؤلاء الذين يتخذون الأنداد مع الله,
لا يسوونهم بالله في الخلق والرزق والتدبير,
وإنما يسوونهم به في العبادة, فيعبدونهم، ليقربوهم إليه، وفي قوله: { اتخذوا } دليل على أنه ليس لله ند
وإنما المشركون جعلوا بعض المخلوقات أندادا له,
تسمية مجردة, ولفظا فارغا من المعنى،
كما قال تعالى:
{ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ
أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ }
{ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ
مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ }
فالمخلوق ليس ندا لله لأن الله هو الخالق, وغيره مخلوق,
والرب الرازق ومن عداه مرزوق,
والله هو الغني وأنتم الفقراء،
وهو الكامل من كل الوجوه,
والعبيد ناقصون من جميع الوجوه،
والله هو النافع الضار,
والمخلوق ليس له من النفع والضر والأمر شيء، فعلم علما يقينا, بطلان قول من اتخذ من دون الله آلهة وأندادا، سواء كان ملكا أو نبيا أو صالحا, صنما أو غير ذلك، وأن الله هو المستحق للمحبة الكاملة والذل التام فلهذا مدح الله المؤمنين بقوله:
{ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ }
أي: من أهل الأنداد لأندادهم, لأنهم أخلصوا محبتهم له, وهؤلاء أشركوا بها، ولأنهم أحبوا من يستحق المحبة على الحقيقة, الذي محبته هي عين صلاح العبد وسعادته وفوزه،
والمشركون أحبوا من لا يستحق من الحب شيئا, ومحبته عين شقاء العبد وفساده, وتشتت أمره. فلهذا توعدهم الله بقوله:
{ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا } باتخاذ الأنداد والانقياد لغير رب العباد
وظلموا الخلق بصدهم عن سبيل الله, وسعيهم فيما يضرهم.
{ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ } أي: يوم القيامة عيانا بأبصارهم،
{ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ }
أي: لعلموا علما جازما, أن القوة والقدرة لله كلها, وأن أندادهم ليس فيها من القوة شيء، فتبين لهم في ذلك اليوم ضعفها وعجزها,
لا كما اشتبه عليهم في الدنيا, وظنوا أن لها من الأمر شيئا,
وأنها تقربهم إليه وتوصلهم إليه، فخاب ظنهم, وبطل سعيهم, وحق عليهم شدة العذاب,
ولم تدفع عنهم أندادهم شيئا, ولم تغن عنهم مثقال ذرة من النفع، بل يحصل لهم الضرر منها, من حيث ظنوا نفعها.
وتبرأ المتبوعون من التابعين,
وتقطعت بينهم الوصل, التي كانت في الدنيا,
لأنها كانت لغير الله, وعلى غير أمر الله,
ومتعلقة بالباطل الذي لا حقيقة له,
فاضمحلت أعمالهم, وتلاشت أحوالهم،
وتبين لهم أنهم كانوا كاذبين,
وأن أعمالهم التي يؤملون نفعها وحصول نتيجتها,
انقلبت عليهم حسرة وندامة,
وأنهم خالدون في النار لا يخرجون منها أبدا،
فهل بعد هذا الخسران خسران؟
ذلك بأنهم اتبعوا الباطل، فعملوا العمل الباطل
ورجوا غير مرجو, وتعلقوا بغير متعلق,
فبطلت الأعمال ببطلان متعلقها،
ولما بطلت وقعت الحسرة بما فاتهم من الأمل فيها,
فضرتهم غاية الضرر، وهذا بخلاف من تعلق بالله الملك الحق المبين, وأخلص العمل لوجهه, ورجا نفعه، فهذا قد وضع الحق في موضعه, فكانت أعماله حقا, لتعلقها بالحق, ففاز بنتيجة عمله, ووجد جزاءه عند ربه, غير منقطع
كما قال تعالى:
{ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ
وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ
ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ
وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ
كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ }
وحينئذ يتمنى التابعون أن يردوا إلى الدنيا
فيتبرأوا من متبوعيهم,
بأن يتركوا الشرك بالله, ويقبلوا على إخلاص العمل لله،
وهيهات,
فات الأمر,
وليس الوقت وقت إمهال وإنظار،
ومع هذا فهم كذبة, فلو ردوا لعادوا لما نهوا عنه،
وإنما هو قول يقولونه, وأماني يتمنونها,
حنقا وغيظا على المتبوعين لما تبرأوا منهم والذنب ذنبهم،
فرأس المتبوعين على الشر إبليس,
ومع هذا يقول لأتباعه لما قضي الأمر
{ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُم ْ
وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ
إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي
فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ } _________________ شات طريق الاسلام اللهم ارحمنا وارفعنا بالقران العظيم الذي ايدت سلطانه وقلت يا اعز من قائل سبحانه فاذا قرانه فاتبع قرأنه ثم ان علينا بيانه احسن كتبك نظاما وافصحها كلاما وابينها حلالا وحراما ظاهر البرهان محكم البيان محروس من الزياده والنقصان فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد | |
| | | العز بن عبد السلام Admin
عدد المساهمات : 1310 نقاط : 247602 تاريخ التسجيل : 14/04/2014 العمر : 27 الموقع : https://alezatllah.forumegypt.net
| موضوع: رد: تفسير أيات التوحيد في القران المجيد....2 الثلاثاء أبريل 12, 2016 9:04 pm | |
| ( 13 )
من سورة البقرة
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا
وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ *
إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ *
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُاتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا
أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ }
سورة البقرة { 168 - 170 }
هذا خطاب للناس كلهم, مؤمنهم وكافرهم،
فامتن عليهم بأن أمرهم أن يأكلوا من جميع ما في الأرض،
من حبوب, وثمار, وفواكه, وحيوانات, حالة كونها { حَلَالًا }
أي: محللا لكم تناوله، ليس بغصب ولا سرقة,
ولا محصلاً بمعاملة محرمة أو على وجه محرم،
أو معينا على محرم.
{ طَيِّبًا } أي: ليس بخبيث, كالميتة والدم, ولحم الخنزير, والخبائث كلها،
ففي هذه الآية, دليل على أن الأصل في الأعيان الإباحة، أكلا وانتفاعا,
وأن المحرم نوعان:
إما محرم لذاته, وهو الخبيث الذي هو ضد الطيب،
وإما محرم لما عرض له,
وهو المحرم لتعلق حق الله, أو حق عباده به, وهو ضد الحلال.
وفيه دليل على أن الأكل بقدر ما يقيم البنية واجب, يأثم تاركه لظاهر الأمر،
ولما أمرهم باتباع ما أمرهم به - إذ هو عين صلاحهم -
نهاهم عن اتباع { خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ } أي: طرقه التي يأمر بها,
وهي جميع المعاصي من كفر, وفسوق, وظلم،
ويدخل في ذلك تحريم السوائب, والحام, ونحو ذلك،
ويدخل فيه أيضا تناول المأكولات المحرمة،
{ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ } أي: ظاهر العداوة,
فلا يريد بأمركم إلا غشكم, وأن تكونوا من أصحاب السعير،
فلم يكتف ربنا بنهينا عن اتباع خطواته,
حتى أخبرنا - وهو أصدق القائلين - بعداوته الداعية للحذر منه,
ثم لم يكتف بذلك, حتى أخبرنا بتفصيل ما يأمر به,
وأنه أقبح الأشياء, وأعظمها مفسدة فقال:
{ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ }
أي: الشر الذي يسوء صاحبه, فيدخل في ذلك, جميع المعاصي،
فيكون قوله: { وَالْفَحْشَاءِ } من باب عطف الخاص على العام؛
لأن الفحشاء من المعاصي, ما تناهى قبحه, كالزنا, وشرب الخمر,
والقتل, والقذف, والبخل ونحو ذلك, مما يستفحشه من له عقل، { وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }
فيدخل في ذلك, القول على الله بلا علم, في شرعه, وقدره،
فمن وصف الله بغير ما وصف به نفسه, أو وصفه به رسوله,
أو نفى عنه ما أثبته لنفسه, أو أثبت له ما نفاه عن نفسه,
فقد قال على الله بلا علم،
ومن زعم أن لله ندا, وأوثانا, تقرب من عبدها من الله,
فقد قال على الله بلا علم،
ومن قال: إن الله أحل كذا, أو حرم كذا,
أو أمر بكذا, أو نهى عن كذا, بغير بصيرة,
فقد قال على الله بلا علم،
ومن قال: الله خلق هذا الصنف من المخلوقات,
للعلة الفلانية بلا برهان له بذلك,
فقد قال على الله بلا علم،
ومن أعظم القول على الله بلا علم,
أن يتأول المتأول كلامه, أو كلام رسوله,
على معان اصطلح عليها طائفة من طوائف الضلال,
ثم يقول: إن الله أرادها،
فالقول على الله بلا علم, من أكبر المحرمات, وأشملها,
وأكبر طرق الشيطان التي يدعو إليها,
فهذه طرق الشيطان التي يدعو إليها هو وجنوده,
ويبذلون مكرهم وخداعهم على إغواء الخلق بما يقدرون عليه. وأما الله تعالى, فإنه يأمر بالعدل والإحسان, وإيتاء ذي القربى,
وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي،
فلينظر العبد نفسه, مع أي الداعيين هو, ومن أي الحزبين؟
أتتبع داعي الله الذي يريد لك الخير والسعادة الدنيوية والأخروية,
الذي كل الفلاح بطاعته, وكل الفوز في خدمته,
وجميع الأرباح في معاملة المنعم بالنعم الظاهرة والباطنة,
الذي لا يأمر إلا بالخير, ولا ينهى إلا عن الشر،
أم تتبع داعي الشيطان, الذي هو عدو الإنسان,
الذي يريد لك الشر, ويسعى بجهده على إهلاكك في الدنيا والآخرة؟
الذي كل الشر في طاعته, وكل الخسران في ولايته،
الذي لا يأمر إلا بشر, ولا ينهى إلا عن خير. ثم أخبر تعالى عن حال المشركين إذا أُمروا باتباع ما أنزل الله على رسوله - مما تقدم وصفه - رغبوا عن ذلك وقالوا:
{ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا }
فاكتفوا بتقليد الآباء,
وزهدوا في الإيمان بالأنبياء،
ومع هذا فآباؤهم أجهل الناس, وأشدهم ضلالا وهذه شبهة لرد الحق واهية،
فهذا دليل على إعراضهم عن الحق, ورغبتهم عنه, وعدم إنصافهم،
فلو هدوا لرشدهم, وحسن قصدهم, لكان الحق هو القصد،
ومن جعل الحق قصده, ووازن بينه وبين غيره,
تبين له الحق قطعا, واتبعه إن كان منصفا. _________________ شات طريق الاسلام اللهم ارحمنا وارفعنا بالقران العظيم الذي ايدت سلطانه وقلت يا اعز من قائل سبحانه فاذا قرانه فاتبع قرأنه ثم ان علينا بيانه احسن كتبك نظاما وافصحها كلاما وابينها حلالا وحراما ظاهر البرهان محكم البيان محروس من الزياده والنقصان فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد | |
| | | | تفسير أيات التوحيد في القران المجيد....2 | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |