الحمد لله الذي أكرم الأمة بشهر رمضان ، الذي أنزل فيه القرآن ، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، فتّح في رمضان أبواب الجنان ، وغلّق أبواب النيران ، وصفد الشياطين ومردة الجان ، سبحانه وتعالى وعد الصائمين بالرحمة والغفران وبشر المتقين بالجنة والرضوان .
وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله وصفوته من خلقه وخليله ، معلم الصائمين وإمام المتقين وسيد الأنبياء والمرسلين ، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين وصحبه الطيبين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد ،
فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله وطاعته ، ولزوم ذكره وحسن عبادته ، فهذا شهر الصيام ومدرسة التقوى قد أقبل يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .
معاشر المؤمنين الصائمين ..
هنيئا لكم بلوغ شهر رمضان المبارك ، وإنها والله لمن أعظم النعم وأجزل العطايا وأكرم المنن ، من الكريم المنان ذو الجود والكرم والإحسان ، كم من الناس تأملوا إدراكه فلم يدركوه ، واشتاقوا لبلوغه فلم يبلغوه ، ونحن بفضل الله سبحانه وتعالى ومنته ، وكريم جوده علينا ورحمته ،أوشكنا أدراكه وبلاغه فنسأل الله الكريم الرحيم أن نكون عند ختام شهرنا هذا من الفائزين ، وأن يعيننا فيه على جميل الطاعات واغتنام ساعاته بفعل الصالحات ، نسأله جل وعلا أن يرفعنا في شهرنا هذا إلى أرفع المنازل والدرجات ، وأن يغفر لنا جميع الخطايا والسيئات ، وأن يهب لنا أكرم المثوبة والحسنات ، وأن يعتق رقابنا وجميع المسلمين الأحياء منهم والأموات من النيران والعذاب المهين إنه هو الجواد الكريم .
عباد الله
حق للمؤمنين أن يستبشروا بشهر الصيام ، وأن يهنئوا بقدومه ، ويتنعموا بنفحاته ، ويسعدوا بمكرماته ، كيف لا وقد سعدت البشرية فيه بنزول القرآن، كتاب الهدى والنور المبين والفرقان قال تعالى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان كيف لا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه وأمته بقدومه ، مبينا فضائله ومكرماته مستحثا هممكم ومستثيرا لعزائمكم ومشعلا جذوة الحماس والتنافس على الخير في قلوبكم فيقول : ( جاءكم شهر رمضان شهر بركة ، يغشاكم الله فيه ، فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء ، ينظر إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيرا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله ) ،
إي والله يا عباد الله وهل هناك أشقى ممن حرم رحمة الله التي وسعت كل شيء ، في شهر فتحت فيه أبواب الرحمة ، وصفدت فيه الشياطين وقال عنه صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه و من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه و من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) وفي رمضان يعظُم ثواب القُرُبات والطاعات، ففي الحديث عن النبيِّ قال: ((عمرةٌ في رمضانَ تعدِل حجّةً معي))، فكيف نكون في شهرنا هذا-عباد الله- من الفائزين والسعداء ممن تتزين لهم الجنة فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((إنَّ الجنة لتزيَّن من السنةِ إلى السنةِ لشهر رمضان، فإذا دخل شهر رمضان قالتِ الجنة: اللّهمّ اجعَل لنا في هذا الشهرِ مِن عبادك سكّانًا)) رواه الطبراني في الأوسط [7؟
معاشر المؤمنين
ان الناس في رمضان على ثلاثة أصناف ،فصنف يصومه عادة ، يراه موسما للسهرات والتلذذ بالمطعومات والمشروبات، وتضييع الاوقات بالملهيات ،أما اداء العبادة فيه فهو على سبيل المشاركة الخجولة للآخرين، ورفع الملام عنه من المؤاخذين ،فلا عبادة تؤدى بخشوع ولاخلق حسن يكتسب ولاذنب يتاب منه ويستغفر عنه.
وصنف اخر يصومه عبادة ظاهرة يؤديها كما اعتاد المسلمون، دون اكتساب لفضائله أوتحر لآدابه وتربيةللنفس على مكرماته،فلا لسان يحفظ، ولابصر يغض، ولاسمع ينزّه، ولاجوارح تمنع عن الحرام ولاتحر للحلال وبعد عن الحرام فحاله في رمضان كحاله قبله لافرق الا بالجوع والعطش.
وصنف ثالث _نرجو الله تعالى ان نكون منهم -هم الذين يترقبون رمضان ليصوموه عبادة يرتجى ثوابها وتربية للنفس تبتغى فضائلها ،دعاهم ربهم اليه فأجابوا ،وتولاهم فأثابوا ،ووعدهم فماارتابوا ،صدورهم بالايمان منشرحة، وسرائرهم بالذكر مبتهجة، وألسنتهم بالشكر قد لهجت وقلوبهم للوعيد قد وجلت، وجوارحهم من مراقبة الله قد خشعت ،وعيونهم لتذكر الذنوب قد دمعت، فتجد احدهم يسال الله العفو عن زلته، وآخر يشكواليه من لوعته، وثالث يرجو الله جميل مثوبته،التزموا كتاب الله تلاوة وتدبرا، وعمرّوا مساجده صلاة وتبتلا، وأحسنوا لعباد الله عفوا وغفرانا، وتعاهدوهم صلة واحسانا، رأوا ماهم عليه من قبيح فعال فهجروها، وسيء خصال فأصلحوها ،وأقبلوا على شهرهم يغتنمون اللحظات قبل الساعات، اجتهدوا ليتخرجوا من الشهر بشهادة التقوى زادا للقاء ربهم كما اراد وأمر:"وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقون ياأولي الالباب".
نسأل الله الكريم من واسع فضله وعظيم مغفرته وأعاننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته ،اقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم .
_________________
شات طريق الاسلام
اللهم ارحمنا وارفعنا بالقران العظيم الذي ايدت سلطانه وقلت يا اعز من قائل سبحانه فاذا قرانه فاتبع قرأنه ثم ان علينا بيانه احسن كتبك نظاما وافصحها كلاما وابينها حلالا وحراما ظاهر البرهان محكم البيان محروس من الزياده والنقصان فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد