ومن مظاهر الشرك : الذبح لغير الله
والله يقول : } فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ { [ الكوثر : 2 ] : أي انحر لله وعلى اسم الله، وقال النبي r : "لعن الله من ذبح لغير الله" [ رواه مسلم ] .
وقد يجتمع في الذبيحة محرمان وهما : الذبح لغير الله، والذبح على غير اسم الله، وكلاهما مانع للأكل منها. ومن ذبائح الجاهلية الشائعة في عصرنا ( ذبائح الجن ) وهي أنهم كانوا إذا اشتروا داراً أو بنوها أو حفروا بئراً ذبحوا عندها أو على عتبتها ذبيحة خوفاً من أذى الجن [ تيسير العزيز الحميد ] .
وكذلك من الشرك : النذر لغير الله
كما يفعل الذين ينذرون الشموع والأنوار لأصحاب القبور .
ومن أنواع الشرك المنتشرة : السحر والكهانة والعرافة :
أما السحر فإنه كفر ومن الكبائر السبع الموبقات، وهو يضر ولا ينفع، قال الله تعالى عن تعلُّمه : } وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ { [ البقرة : 102] . والذي يتعاطى السحر كافر عند كثير من العلماء، قال الله تعالى : } وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى{ [ طه : 69 ] .
ومن الناس من يرتكب محرماً بلجوئه إلى الساحر لفك السحر، والواجب اللجوء إلى الله والاستشفاء بكلامه كالمعوذات وغيرها .
أما الكاهن والعراف فكلاهما كافر بالله العظيم إذا ادَّعيا معرفة الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله، وكثير من هؤلاء يستغفل السذج لأخذ أموالهم، ويستعملون وسائل كثيرة من التخطيط في الرمل أو ضرب الودع أو قراءة الكف والفنجان أو كرة الزجاج والمرايا وغير ذلك، وإذا صدقوا مرة كذبوا تسعاً وتسعين مرة، ولكن المغفلين لا يتذكرون إلا المرة التي صدق فيها هؤلاء الأفَّاكون؛ فيذهبون إليهم لمعرفة المستقبل والسعادة والشقاوة في زواج أو تجارة، والبحث عن المفقودات ونحو ذلك .
وحكم الذي يذهب إليهم إن كان مصدقاً بما يقولون فهو كافر، والدليل قوله r : "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد" [ رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع 5939 ] . أما إن كان الذي يذهب إليهم غير مصدق بأنهم يعلمون الغيب ولكنه يذهب للتجربة ونحوها، فإنه لا يكفر ولكن لا تُقبل له صلاة أربعين يوماً، والدليل قوله r : "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" [ رواه مسلم ] . هذا مع وجوب الصلاة والتوبة عليه .
ومن الشرك الأصغر
اعتقاد النفع في أشياء لم يجعلها الخالق عز وجل كذلك ، وقد يتحول إلى أكبر إن اعتقد أن هذه الأشياء تنفع أو تضر من دون الله كما يعتقد بعضهم في التمائم والعزائم الشركية وأنواع من الخرز أو الودع أو الحلق المعدنية بناءً على إشارة الكاهن أو الساحر أو اعتقاد متوارث، فيعلقونها في رقابهم أو على أولادهم لدفع العين بزعمهم، أو يربطونها على أجسادهم، أو يعلقونها في سياراتهم وبيوتهم، أو يلبسون خواتم بأنواع من الفصوص يعتقدون فيها أموراً معينة من رفع البلاء أو دفعه .
وتعليق كل ما تقدم أو ربطه حرام؛ لقوله r : "من علَّق تميمة فقد أشرك " [ رواه أحمد وهو في السلسلة الصحيحة رقم 492 ] . وفاعل ذلك إن اعتقد أن هذه الأشياء تنفع أو تضر من دون الله فهو مشرك شركاً أكبر، وإن اعتقد أنها سبب للنفع أو الضرر، والله لم يجعلها سبباً، فهو مشرك شركاً أصغر، وهذا يدخل في شرك الأسباب .
الحلف بغير الله تعالى
الله سبحانه وتعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته، وأما المخلوق فلا يجوز له أن يقسم بغير الله، ومما يجري على ألسنة كثير من الناس الحلف بغير الله، والحلف نوع من التعظيم لا يليق إلا بالله . عن ابن عمر مرفوعاً : "من حلف بغير الله فقد أشرك" [ رواه أحمد وهو في صحيح الجامع 6204] . وقال النبي r : "من حلف بالأمانة فليس منا"[ رواه أبو داود، وهو في السلسلة الصحيحة رقم 94] : فلا يجوز الحلف بالكعبة ولا بالأمانة ولا بالشرف ولا بالعون ولا ببركة فلان ولا بحياة فلان ولا بجاه النبي ولا بجاه الولي ولا بالآباء والأمهات ولا برأس الأولاد؛ كل ذلك حرام، ومن وقع في شيء من هذا فكفارته أن يقول : لا إله إلا الله، كما جاء في الحديث الصحيح : "من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل : لا إله إلا الله" [ رواه البخاري ] .
وعلى منوال هذا الباب أيضاً عدد من الألفاظ الشركية والمحرمة التي يتفوَّه بها بعض المسلمين : ومن أمثلتها: أعوذ بالله وبك – أنا متوكل على الله وعليك – هذا من الله ومنك – ما لي إلا الله وأنت – الله لي في السموات وأنت لي في الأرض – لولا الله وفلان . والصواب الإتيان بـ "ثم" في ذلك فيقول : أنا بالله ثم بك، وكذلك في سائر الألفاظ). وكذلك : أنا بريء من الإسلام – يا خيبة الدهر، (وكل عبارة فيها سب الدهر مثل : هذا زمان سوء، وهذه ساعة نحس، والزمن غدار، ونحو ذلك، وذلك لأن سبَّ الدهر يرجع على الله الذي خلق الدهر) .