اعلم أخي أنك لن تتخلص من بلية الأفلام الإباحية بمجرد أن تخرجها من بيتك, بل لا بد أن تخرجها من عقلك و فكرك . فلا يطمع من يشغل عقله في تذكر صورة عارية رآها أو لقطة خليعة يتخيلها أن يشفى من داءه و أن يتخلص من شر الصور الإباحية. يقول أحد الإخوة و هو يروي قصة توبته من مشاهدة المناظر الخبيثة "عزمت على ترك ما أنا فيه واستغفرت الله . لكني - والأمر بيد الله والحكم حكمه – لا أزال أعاني من توارد تلك المشاهد والصور ، على تفكيري تشغلني كثيراً في أغلب أوقاتي ، ومع كثرة هذه الأفكار التي ترد عليّ وإلحاحها على ذهني ، وقعت في الفخ مرة أخرى !!!
كلام كالشهد عن الخواطر
يقول العلامة ابن القيم رحمه الله : وأما الخطرات فشأنها أصعب فإنها مبدأ الخير والشر ، ومنها تتولد الإرادات والهمم والعزائم ، فمن راعى خطراته ملك زمام نفسه وقهر هواه ، ومن غلبته خطراته فهواه ونفسه له أغلب . ومن استهان بالخطرات قادته قهراً إلى الهلكات ولا تزال الخطرات تتردد على القلب حتى تصير مني باطلة منحت بقيعة يحسبه الظمأن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب وأحسن الناس همة أوضعهم نفسا من رضى من الحقائق بالأماني الكاذبة واستجلبها لنفسه وتحلى بها وهى لعمر الله رؤس من أموال المفلسين ومتاجر الباطلين وهى قوة النفس الفارغة التى قد قنعت من الوصل بزورة الخيال ومن الحقائق بكواذب الآمال... وهي أضر شيء على الإنسان ويتولّد منها العجز والكسل ، وتولد التفريط والحسرة والندم ، والمتمني لمّا فاتته مباشرة الحقيقة بجسمه حوّل صورتها في قلبه وعانقها وضمها إليه ففتح بوصال صورة وهمية خيالية صورها فكره ، وذلك لا يجدي عليه شيئا ، وإنما مثله مثل الجائع الظمآن يصور في وهمه صورة الطعام والشراب وهو لا يأكل ولا يشرب ، والسكون إلى ذلك واستجلابه يدل على خسارة النفس ووضاعتها ، وإنما شرف النفس وزكاؤها وطهارتها وعلوها بأن ينفي عنها كل خطرة لا حقيقة لها ولا يرضى أن يخطرها بباله ويأنف لنفسه منها . حتى يقول : .. واعلم أن ورود الخاطر لا يضر وإنما يضر استدعاؤه ومحادثته !( الجواب الكافي 198 - 199 ) . و يقول في غير هذا الكتاب : دافع الخطرة فإن لم تفعل صارت فكرة فدافعها فإن لم تفعل صارت همّاً وغرادة فدافع ذلك فإن لم تفعل صار عملاً وسلوكاً فدافع ذلك فإن لم تفعل صار عادة وسجية !!
إذا.............. لا بد لمن يرجو التخلص من إدمان المواقع الإباحية أن يحارب خواطر السوء التي تأتيه و هي لا شك آتية و لكن الحاذق اللبيب هو من يدعها تمر دون أن يسترسل معها و ذلك بأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم و يستغفر الله ثم يفكر في أي شيء آخر .
دافع الخواطر اعلم أن خير وسيلة تعينك على ترك ما اعتدته من الحرام ، أن تقف عند الخاطرة والهم والتفكير ، فادفع كل خاطرة تدعوك للمشاهدة ، قبل أن تصبح رغبة وهمّا وقصدا ثم فعلا . قال الغزالي رحمه الله : (الخطوة الأولى في الباطل إن لم تدفع أورثت الرغبة ، والرغبة تورث الهم ، والهم يورث القصد ، والقصد يورث الفعل ، والفعل يورث البوار والمقت ، فينبغي حسم مادة الشر من منبعه الأول وهو الخاطر ، فإن جميع ما وراءه يتبعه ) إحياء علوم الدين 6/17 وهذا مأخوذ من قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) النور/21
لا تجعلن عقلك بين رجليك
إن من يستجلب الأفكار الإباحية و يعيش الزنا في عقله يجد صعوبة حتى في معاشرة زوجته , فهو قد ألف أن يستثير شهوته إما بفيلم إباحي أو بخيال جنسي فتجد المسكين لا يحس بانجذاب تجاه زوجته و إن كانت أجمل الجميلات كما يروي الكثير ممن ابتلو بالنظر إلى المواقع الإباحية أنهم يسترجعون الصور التي رأوها قبل إتيان زوجاتهم .
ما يعينك على حفظ الخواطر 1. العلم الجازم باطلاع الرب -سبحانه- ونظره إلى قلبك وعلمه بتفاصيل خواطرك. 2. حياؤك منه. 3. إجلالك له أن يرى مثل تلك الخواطر في بيته الذي خلق لمعرفته ومحبته. 4. خوفك منه أن تسقط من عينه بتلك الخواطر. 5. إيثارك له أن تساكن قلبك غير محبته. 6. خشية أن تتولد تلك الخواطر ويستعر شرارها فتأكل ما في القلب من الإيمان ومحبة اللـه فتذهب جملة وأنت لا تشعر. 7. أن تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة الحَبِّ الذي يُلْقَى للطائر ليصاد به ، فاعلم أن كل خاطرة منها فهي حبة في فخ منصوب لصيدك وأنت لا تشعر. 8. أن تعلم أن تلك الخواطر الرديئة لا تجتمع هي وخواطر الإيمان ودواعي المحبة والإنابة أصلاً. 9. أن تعلم أن تلك الخواطر بحر من بحور الخيال لا ساحل له ، فإذا دخل القلب في غمراته غرق فيه وتاه في ظلماته ، فيطلب الخلاص منه فلا يجد إلى ذلك سبيلاً. 10. أن تعلم أن تلك الخواطر هي وادي الحمقى وأماني الجاهلين ، فلا تثمر لصاحبها إلا الندامة والخزي
الفراغ مجلبة لخواطر السوء
سبق أن تحدثنا في خطوة سابقة عن ضرورة ملئ أوقات الفراغ كشرط أساسي للتخلص من هذه الآفة و أعيد لأذكرك أخي أن الإنسان الفارغ غالبا ما يكون هدفا لخواطر السوء .فاحذر الفراغ و املئ وقتك بما ينفعك في دنياك و آخرتك .
فيم تفكر ...
لابد من إصلاح الخواطر . وطريق إصلاحها من ثلاث جهات : - الأولى : تفريغ القلب من الخواطر الرديّئة بعدم الالتفات أو استدعاء الرديء منها . - الثانية : فإذا تفرّغ القلب كان لابد من ملئه .. فاملآه وأشغله بالله وبمحبته و اشغل عقلك بالتفكير في دراستك أو عملك أو في أي شيء ينفعك . - الثالثة : حماية الخواطر من الحرام والخطيئة . وذلك بطريقين : - مفارقة دواعي الحرام ومواطنه الحسّية . - الموازنة والمقارنة ومعرفة العواقب والمآلات .
وازن بين لذّة الإقبال على الله ولذّة الإقبال على الرذائل ! وازن بين لذّة الذنب ولذّة العفة ! وازن بين لذّة الانتصار على الشيطان وقهره ولذة الظفر بالمعصية والخطيئة !! وهكذا وازن وتذكّر العواقب والمآلات فإن ذلك مما يحمي الخواطر من أن تستدعي الحرام الردي .
ملخص الكلام
لا تستبدل ما هو أدنى بالذي هو خير , لا تستبدل الخيال بالحقيقة , لا تستبدل الفحش بالعفة و الطهارة . نظف عقلك من الأفكار الإباحية تنج بإذن الواحد الأحد . |