حديث عن البهرة
البهرة أحد فروع الفرق الشيعية الاسماعيلية والتى تنسب إلى إسماعيل بن جعفر الصادق
ويقول أحد دعاتهم :ضياء الدين السليماني: تفسير مزاج التسنيم، ص/ 5 عن أسس معتقداتهم :
" الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والولاية. على أن الولاية هي أفضل هذه الدعائم. فإن أطاع الإنسان الله تعالى ورسوله الكريم، وقام بأركان الدين كلها، وعصى الإمام، أو كذب به، فهو آثم في معصيته، وغير مقبولة منه طاعة الله ورسوله"
ومن ثم الأساس واحد عند الشيعة وهو تقديم الإمامة على كل أحكام الدين واعتبارها محور الدين وهى عندهم تنتقل من الأب إلى ابنه الأكبر
وتعتقد طائفة البهرة أن الإمامة من حق علي وحده وتم اغتصابها منه وفى هذا تقول رسالة الهداية الآمرية في إبطال دعوى النزارية ص 10 - 11 :
(إن الأمة لما افتتنت بعد نبيها، وأشهرت كل طائفة منهم سيفها، وقال بعضهم: منا أمير، ومنكم أمير، قال كبيرهم: في أول قعوده: وليت عليكم ولست بخيركم .. وقال صاحبه عمر: كانت بيعة أبي بكر فلتة، وقى الله شرها .. ! وأقر أبو بكر على نفسه بالشك، ... فقال: إني وددت لو أني سألت رسول الله لمن هذا الأمر من بعده، والإمام الحق لا يشك في نفسه، ولا يرجع عن أمره، ولا يندم أنه غصب على حقه، بل يثبت مستمرا على شأنه، مفصحا عن محله ومكانه، هاديا مهديا، متبوئا من العصمة مكانا عليا كما فعل علي ... !)
ومعتقد البهرة فى الأئمة أنه لا يخلو عصر من إمام يعيش فى الخفاء وفى تلك الحال يقوم الداعي المطلق بالدعوة فى الظاهر نيابة عن الإمام كما يشرف على الجماعة وهو مرجع الجماعة الذى تصدر عنه كل الأحكام وفى نفس الرسالة نجد القول :
(تبين أن الأئمة في تتابع وجودهم، وتواصل جهودهم، كالشمس التي لا تخلو من آفاق سمائها، ولا تعدم من مجاري أفلاكها، فهي أبدا ظاهرة للنظار، مواصلة لإفاضة الأنوار، ولا يصح خلو زمان من ظهورها، ولا يفقد مكان من إشراق نورها)ص9
ويقال ان الإسماعيلية خالفوا أساس الدين عندهم فنقلوا الإمامة من أب إلى ابن أصغر لموت الأكبر فى حياة أبيه كما فعل المعز لدين الله الفاطمي حيث نص على ولاية ابنه عبد الله من بعده ولكنه مات وأبيه حى فأوصى بها لابنه العزيز ونجد أن أغاخان الثالث نص على ولاية حفيده كريم الذي لقب بـ (أغاخان الرابع) مع انه ولديه كانا حيين وماتا بعده
الغريب أن تاريخ البهرة المعروف فى الكتب خالفوا فيه تلك القاعدة التى تنص على كون الإمامة لأولاد على بن أبى طالب وأحفاده وجعلوها فى غيرهم فأحيانا نقلوها لواحد من عائلة ثم نقلوها لواحد من عائلة أخرى ولكن بعض منهم جعلوها وراثى فى عائلة أخرى
بالطبع الله لم ينص على إمامة فرد معين ولا على إمامة عائلة معينة وإنما جعلها شورى بين كل المسلمين فقال :
" وأمرهم شورى بينهم "
والنص الذى حصر المناصب حصرها فى كل من آمن وجاهد وقاتل قبل فتح مكة وهو ما يعنى أن المهاجرين والأنصار جميعا سواء فى تولى الوظيفة الأكبر والوظائف الأصغر وفى هذا قال تعالى :
" لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا "
ومن ثم كانت المناصب للكل أيضا ولكن لا يجوز تولى من جاهد بعد الفتح على من جاهد قبله
ومن ثم بطل حصر الإمامة فى فرد معينة أو عائلة معينة
ونجد أن البهرة يتبعون الفلسفة فى عقائدهم فهم ينفون وجود الله ويقيمون مقامه القلم وهو العقل الكلى وهو نفسه الإمام كما يقول الكرماني فى كتاب راحة العقل، ص 195 وتلخيص الكلام :
"القلم، أو المبدع الأول، أو العقل الكلي الذي تحدث عنه الفلاسفة، هو: الخالق المصور الواحد القهار ... الخ، وبمعنى آخر: إن ما يقوله المسلمون عن الله سبحانه وتعالى خلعه الإسماعيلية على العقل الكلي، فهو الإله عند الإسماعيلية، وإذا ذكر الله عتد الإسماعيلية فالمقصود هو العقل الكلي. إذا عرفنا ذلك، استطعنا أن نقول إنهم لم يأتوا بهذه الآراء الفلسفية عبثا، بل جاءوا بها لإسباغ صفة خاصة على الإمام، ذلك بأنهم ذهبوا إلى أن العقل الكلي في العالم العلوي يقابله الإمام في العالم الجسماني، ومعنى هذا عندهم: أن كل الأسماء والصفات التي خلعت على العقل الكلي، هي أيضا صفات وأسماء للإمام .. ؟ لأن الإمام مثل للعقل الكلي. فالإمام إذن هو: الواحد الأحد، الفرد الصمد .. الخ .."
وقد ظهرت تلك العقيدة الخبيثة وهى ألوهية البشرى فى أقوال شعراء الشيعة فنجد
ابن هانئ الأندلسي يقول فى المعز لدين الله الفاطمي:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار ... فاحكم فأنت الواحد القهار.
ويقول أبو الحسن الأخفش في الآمر بأحكام الله:
بشر في العين إلا أنه ... عن طريق العقل نور وهدى.
جل أن تدركه أعيننا ... وتعالى ... أن نراه جسدا.
ندرك الأفكار فيه بانيا ... كاد من إجلاله أن يعبدا.
وهم لا يخفون كون أئمتهم هم الله حيث تقول نشرة الضريح النوراني الصادرة عن دائرة الإشاعة فى الجامعة السيفية بسورت فى الهند سنة 1978م نقلا عن طاهر سيف الدين الداعي الحادي والخمسين من دعاتها:
" إن القرآن تراث إلهي لا تراث بشري، فلا بد لهذا التراث من معلم إلهي لا معلم بشري، يحفظه من زيغ الزائغين، وضلال الضالين المضلين، ويكشف أسراره وكنوزه، وهذا المعلم هو ولي الله، رسولا كان أو وصيا، أو إماما، أو داعيا مطلقا .. ؟ فولي الله في شخص الرسول، أو في شخص الوصي أو في شخص الإمام، أو في شخص الداعي المطلق، هو الضمان الوحيد والأكيد لحفظ كتاب الله تنزيلا وتأويلا، على تعاقب الأعصار والأدهار"
وطالما ان الإمام إله فيجب السجود له من الجماعة ويقول داعيهم محمد برهان الدين أنه كان يسجد لوالده طاهر سيف الدين دوما حتى مات
سجدت له دأبا وأسجد دائما ... لدى قبره مستمتعا للرغائب"
ومن ثم أصبح هو الإله والعياذ بالله
قطعا السجود يكون لله وليس معناه وضع الرأس على الأرض وإنما معناه هو :
طاعة أحكام الله فى القرآن وليس طاعة بشر كذبة كما قال تعالى :
(فاسجدوا لله واعبدوا)
وهذه الطائفة من الناس تحاول ارضاء الفرق الأخرى عندما تتواجد فى محيط الأغلبية فيه لهم
وللجماعة صلوات مخصوصة كما يقول كتاب طائفة البهرة وتأويلاتها الباطنية فمثلا "لا يصلون الجماعة إلا بوجود إمام معين من قبل الداعي، كما لا يصلون الجمعة بحجة عدم وجود إمام عادل ولهم صلوات عديدة مثل: صلاة ليلة السابع عشر من شهر رجب، وعدد ركعاتها اثنتين وعشرين ركعة وصلاة ليلة الخامس عشر من شهر شعبان، وعدد ركعاتها أربع عشرة ركعة، وصلاة ليلة الثالث والعشرين من رمضان، وعدد ركعاتها اثنتي عشرة ركعة، يرددون فيها: يا علياه سبعين مرة، و يا فاطمتاه مئة مرة، وياحسناه مئة مرة، ويا حسيناه تسعمائة وسبع وتسعين مرة .. ؟ وصلاة الثامن عشر من شهر ذي الحجة، يصلي فيه الواحد منهم ركعتين بعد زوال الشمس، وهو يوافق اليوم المسمى عند الشيعة بيوم (غدير خم) ويصلي الداعي أو نائبه على الميت منهم، وينزل في قبره ويؤذن فيه، ويقوم بكسر يده الشمال معتقدين أنهم بكسرها يمنعونه استلام كتابه بشماله يوم القيامة .. ؟ ومع تشابه صلاتهم في بعض مظاهرها لصلاة المسلمين في (الظاهر)؛ إلا أنهم يقولون إن صلاتهم هذه للإمام الإسماعيلي المستور من نسل (الطيب بن الآمر .. ؟)"
ويقول عن حجهم :
"ويذهبون إلى مكة لتأدية الحج في موسمه، شأنهم في ذلك شأن جميع المسلمين، ولكنهم يقولون إن الكعبة التي يطوف حولها الحجيج هي رمز على الإمام .. ! ولا يقبل الحج إلا إذا كان بصحبة الداعي أو من ينيبه من الدعاة، وغالبا ما يخالفون أهل السنة والجماعة في وقت الوقوف بعرفة، فإما أن يتقدموا عليهم يوما أو يتأخروا يوما، اعتمادا على حساباتهم الفلكية الخاصة. وإذا لم يتمكن البهرة من الوقوف بعرفة على وفق حساباتهم، فإنهم يقلبون حجهم إلى عمرة .. هذا في الظاهر .. أما في الباطن فهم يؤولون فريضة الحج تأويلا فاسدا كبقية الإسماعيليين. يقول السجستاني (أحد دعاتهم): (حج البيت هو: قصد إمام الزمان، مفترض الطاعة، والغرض من حج البيت معرفة الأئمة، والمراد من الزاد والراحلة في الحج: هو العلوم، ودليل معرفة الإمام. والإحرام هو: اعتقاد معرفة الإمام .. "
ويقول عن صومهم :
"الصوم هو: الصمت بين أهل الظاهر، وصوم شهر رمضان هو: ستر مرتبة القائم، ومن (شهد منكم الشهر فليصمه) أي: من أدرك زمان الإمام فليلزم الصمت .. "
وعقيدتهم قائمة على التقية طالما الإمام خفى فإن ظهر أعلنوا تلك العقائد كما يقول السجستانى فى اثبات النبوة ص182:
"وكذلك بقية العبادات وإن عملوا بظاهرها أحيانا، فإن هذا العمل مؤقت بظهور القائم .. فإذا ظهر القائم تخلص المؤمنون من الستر والكتمان، وقدروا على كشف مذاهبهم، وجب رفع هذه الشريعة التي هي سمة الستر والكتمان .. "
ومن ثم كل العبادات أصبحت محصورة فى شخوص الأئمة فهم الإله وهو حتى الأماكن المقدسة مع تناقض ذلك مع تنزيه الله عن الحلولية والتجسد كما قال تعالى :
" ليس كمثله شىء"
وحتى الفلسفة التى يتعاطونها من المستحيل فيها تواجد كائن فى مكانين فى وقت واحد ومع هذا فالله والعياذ به واللياذ يكون فى الإمام البشرى ويوجد فى الكعبة فى نفس الوقت
ومن أجل هذا اعتمد القوم فى تفسير القرآن على أن تكون المعانى متوافقة مع المعتقدات فمثلا من أجل أن يقيموا الدليل على أن الإمامة ليس خاصة بعائلة على ومن ثم العلم استدلوا بأن العبد الصالح(ص) أعلم من الإمام وهو موسى(ص) لكى يبيحوا لأنفسهم الاستيلاء على الإمامة ومن ثم أولوا الآيات بتأويلات باطنية وفى هذا قال صاحب كتاب طائفة البهرة وتأويلاتهم الباطنية :
"ذهبت الإسماعيلية ومنهم البهرة، إلى أن لكل شيئ ظاهر محسوس تأويلا باطنيا لا يعرفه إلا الراسخون في العلم، وهم: الأئمة، وهؤلاء الأئمة يودعون هذا العلم الباطن لكبار الدعاة بقدر مخصوص، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك؛ فقالوا: إن التأويل الباطن من عند الله، خص به علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - فكما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خص بالتنزيل، فكذلك علي - كرم الله وجهه - فقد خص بالتأويل، واستدلوا على ذلك بقصة نبي الله موسى - عليه السلام - مع العبد الصالح المذكورة في سورة الكهف، وكيف أن موسى - عليه السلام - وهو نبي مرسل من أولي العزم، لم يمنحه الله علم الباطن، بينما منح هذا العلم إلى الرجل الصالح، وهو ليس بنبي مرسل، وليس من أولي العزم. وهكذا كان التأويل الباطن إلى علي - كرم الله وجهه -، وقد أورثه الأئمة من أعقابه بأمر من الله، وعلى ذلك فالأئمة هم الذين يدلون الناس على أسرار الدين، وليس لأحد غيرهم هذا الحق الذي جاءهم بأمر من الله تعالى، ولكن ليس لهم أن يطلعوا أحدا على أسرار هذا الدين إلا لمن يستحق ذلك فقط. وبالرغم من قولهم: إن التاويل من عند الله، نراهم مرة أخرى يقولون: إن التأويل من خصائص حجة الإمام أو داعي دعاته، ومع ذلك نجد تأويلاتهم تختلف باختلاف شخصية الداعي الذي إليه التأويل. وباختلاف موطنه، وزمن وجوده.
فإذا قرأنا تأويلات (الداعي منصور اليمن) قبل ظهور الدولة الفاطمية بالمغرب، نجد أنها تميل إلى الغلو، ولا تختلف في مضمونها عن تاويلات الفرق الغالية المندثرة، وتأويلات دعاة فارس تختلف عن تأويلات الدعاة الذين كانوا بالقرب من الأئمة بالمغرب، ففيها التأليه الصريح للأئمة، وفيها طرح الفرائض الدينية، فتأويل الصلاة عندهم هو: الإتجاه القلبي للإمام...
وتأويل الصوم هو: عدم إفشاء أسرار الدعوة، وتأويل الحج هو: زيارة الإمام. وهكذا ينتهي بهم التأويل في فارس إلى طرح كل أركان الدين. بخلاف ما كان عليه الأمر في المغرب إذ لم يصرحوا بهذه الآراء إلا في كتبهم السرية.
فمثلا قال الداعي بالمغرب في تأويل قوله تعالى: (والفجر وليال عشر والشفع والوتر) إن الفجر هو: على بن أبي طالب، وكل إمام بعده. وأن الشفع والوتر هما: الحسن والحسين. ولكن الداعي في مصر أول هذه الآية بأن الفجر هو: المهدي المنتظر، أي: قائم الأئمة وخاتمهم، لأنه يظهر بعد انتشار الضلال، كما أن الفجر يأتي بعد شدة الظلام. مع اتفاق البهرة مع أسلافهم الإسماعيلين في كل ما يؤولوه، إلا أنني وجدتهم ينفردون في تأويل بعض الآيات بما يتفق ومزاعمهم .. للتدليل على صحة إمامة (المستعلي) وفساد إمامة (نزار). يقولون: [لما تشاجر عبد الله ونزار - ولداه - في الإمامة بين يديه، قال لهما: لا تتشاجرا ولا تتنازعا، فليس واحد منكما بصاحب هذا الأمر، وإنما صاحبه ههنا، وأشار بيده إلى ظهره، وكان مولانا المستعلي حينئذ لم يحمل بعد .. ! وهذا كان في يوم مشهود، ومقام غير خفي ولا مجحود، ثم إنه لما حضرته النقلة إلى دار الكرامة، وحانت دقيقة الإنتقال؛ وهو الوقت الذي يعول فيه على النص، أشار إليه، ونص مصرحا عليه، وأمر من حضر بطاعته وعرفهم ما خصه الله به من وراثة رتبته ومقامه ودرجته، فأذعن الجميع طائعين، وبادروا بشعاره معترفين، ولم يخالف في ذلك أحد من المخالفين، والموالفين، إلا نزار وشرذمة من الغلمان .. ثم يقولون: وإلى هذا أشار الله تعالى بقوله: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا .. الآية) وذلك أن مولانا المستنصر بالله (ص) من دوره بمنزلة سليمان من دور بني إسرائيل .. ؟ وهو المشار إليه بسليمان، وقد قال النبي (ص): كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، فسليمان هذه الأمة هو مولاما: المستنصر بالله (ص)، لأنه واقع في الرتبة والعدد من أئمة دوره موقع سليمان في الرتبة والعدد من أئمة دوره، فإنه أوتي ملكا لم يؤت مثله أحد من آبائه طولا وتمكينا، كما أوتي سليمان، وسخرت له الريح والشياطين كما سخرت لسليمان .. ؟ فتسخير الريح: تأييده في كل مقام، وتسخير الشياطين له: إنقياد المارقين له، والمخالفين لأمره ونهيه. وقوله: (وما كفر سليمان) أي: ما كفر مولانا المستنصر بالله، ولا جحد حقيقة علمه في معنى الإمام من بعده، بل عقد الإمامة لمولانا المستعلي بالله في يوم النكاح على رؤوس الأشهاد، ونص عليه في دقيقة انتقاله، لا موضع تأول فيه ولا اشتباه على أحد من حاضريه، وكفر بذلك من اتبع الهوى، ولآثر الدنيا، إذ كانت الخلافة والإمامة محل المنافسة وباعث الحسد، ولهذا قال سبحانه: (ولكن الشياطين كفروا .. ) أي: هؤلاء الذين شطنوا عن الحق، وبالغوا في الحيلة، فضلوا وأضلوا. ومما يعضد هذا التأويل؛ ما ورد في أسفار بني إسرائيل؟! من أن سليمان نص بالإمامة على ولده (رجيعون) .. ! كما نص مولانا المستنصر بالله (ص) على مولانا المستعلي بالله (ص) فحسده المسمى (بريعون) فخرج عليه، واتبعه جماعة ممن أضلهم بمكره، واستهواهم بسحره، وغير لهم نصوص الدين، وأزالهم عن الصراط الواضح المبين، ... كما فعل نزار في خروجه على مولانا المستعلي بالله (ص) وكانت الدائرة على (بريعون) وأصحابه، كما كانت الدائرة على نزار وأصحابه، وكانت العاقبة لابن سليمان صاحب الحق، كما كانت العاقبة لمولانا المستعلي بالله (ص) أمير المؤمنين، فإن الله قد أنفذ مشيئته الأزلية، وأحكام قضاياه الكلية، بصلة حبل الإمامة، وعصمتها، وإمحاقه المكر السيئ ممن عاندها، وخالف أمر الله في طاعتها، فاعتبروا يا أولي الأبصار.] ...
ننقل من إمام حقيقي إلى دار الكرامة، فإن النسخ هو إبطال حكم متقدم بإثبات حكم متأخر، وهو مثال تصور الشخص المتوهمة إمامته، والنسيان هو: انتقال الشيئ من مقر الحفظ، وهو مثل انتقال الإمام إلى دار الكرامة. وقوله: (نأت بخير منها) أي: نأت بإمام الحق، وهو خير من الشخص المتوهمة إمامته، ... ومما يؤيد هذا قول الله تعالى: (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) (2)، فإنه أشار عند جميع أهل التأويل بقوله (خير) إلى الوصي، أو إلى الإمام الحق، وبـ (الذي هو أدنى) إلى الشخص الذي يتوهم أنه إمام وليس بإمام. ويريد بقوله تعالى: (أو مثلها) أي: يخلف إمام حق بإمام حق مثله، من عنصره وأصله، فإن الأئمة في معنى الإمامة متماثلون، وفي حقيقة التأييد والعصمة متشاكلون. وجعل بإزاء نسخ الآية: الإتيان بما هو خير، وبلإزاء نسيانها: الإتيان بما هو مثلها. فهل بقي بعد فهم هذا في فعل الأئمة ريب .. ؟ أو يكون على وجه حكمتهم اعتراض بحضرة أو غيب .. ؟ يا هؤلاء أما تعلمون أنكم إلى الإمام الحاضر في الإستضاءة بتعليمه وإرشاده، وتحصيل المعارف التي لا تحصل إلا من جهته، وتلومون أهل الظاهر في الاستبداد بآرائهم، والسكون إلى أهوائهم، فكيف تأتون إلى أعظم الأمور قدرا، وأخفاها علما، وهي الإمامة، تحكمون فيها آراءكم، وتتبعون فيها أهواءكم، إن هذا لهو الضلال البعيد، والخسران المبين .. ) "
ونجد معظم التأويلات منصبة على جعل العبادات ليست العبادات المعروفة وإنما المقصود بها الأئمة
كما نجد أن الدعاة والوكلاء يحاولون إيجاد تأويلات تبيح لهم الاستيلاء على أموال الطائفة والتصرف فيها باعتبارهم هم أيضا الإله المتجسد فى صورة بشرى يملك كل شىء وبقية الناس لا يملكون أى شى